– حاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اللعب على طريقة حجارة الدومينو بفرض وقائع متسارعة لحركته الانقلابية التي أرفقها بخطاب حربي ضدّ ​إيران​ و​حزب الله​، انطلقت عباراته الأولى في بيان الإقالة الذي تلاه الرئيس ​سعد الحريري​.

– الخطوات التالية تمثّلت ببيانين واحد للوزير ​ثامر السبهان​ المفوض السامي السعودي على ​لبنان​، يهدّد بحال حرب مع لبنان ودعوة اللبنانيين للاختيار بين السلام والحرب، والخطوة الثانية كانت الإعلان السعودي عن اعتبار الصواريخ ​اليمن​ية على السعودية بمثابة إعلان حرب إيرانية، يمنح السعودية حق التصرف باعتبارها في حال حرب مع إيران.

– في الظاهر يبدو تصرّف بن سلمان وكأنّ الانقلاب الداخلي الشامل كان تمهيداً للانطلاق في حرب إقليمية، باعتبار أنّ هذا هو التسلسل الجاري أمامنا، الانقلاب أولاً ثم التصعيد، لكن في العمق تبدو اللهجة التصعيدية السعودية حال هروب إلى الأمام لتخطّي تداعيات الانقلاب، وخلق اهتمامات وهموم من نوع مختلف للسعوديين وللقوى الإقليمية والدولية، التي دخلت على خط استكشاف ومتابعة خطوات الانقلاب ممهّدة للتحرك على خطها، وبدء الضغوط للتأثير على خيارات بن سلمان الداخلية، كما كشفت الصحف الأميركية والبريطانية.

– يشعُر بن سلمان أنه محاصَرٌ داخلياً وخارجياً، وقد أطاح ركائز الحكم التقليدية الثلاث لنظام جدّه عبد العزيز، وهي طبقة المتديّنين أتباع الطريقة الوهّابية، وطبقة التجار ورجال الأعمال، وهم مَن أسماهم جدّه باليمنيّين، الذين يشكلون الحضر في بادية الحجاز، والعائلة التي أوصاها عبد العزيز بالتماسك وتداول العرش وفق معادلة دقيقة تبدأ بالأبناء حتى غياب آخرهم، ولتبدأ بالأحفاد، وهكذا، فلا يورث الأب ابنه، وتأتي خطوة بن سلمان كمحاولة توريثه نسفاً لقواعد الحكم السعودية كلّها، بعدما صار في السجن ممثلو المكوّنات الثلاثة للحكم، متديّنين وتجاراً وأمراء بينما خارجياً تشير كلّ المتابعات الإعلامية إلى التحذير من أخطار سقوط النظام السعودي، ونتائج ذلك على المصالح الغربية، في ظلّ فشل في حرب اليمن وتراجع سياسي وعجز وإفلاس ماليّين وهكذا وجد بن سلمان أنّ عليه خلق وقائع جديدة أكبر من الانقلاب كي يتمكّن من حماية نتائج الانقلاب، وهذا سيفرض إلحاق التهديد بالتهديد والتصعيد والتصعيد وصولاً للخيار الحاسم بالقرار بالذهاب للحرب أم العودة عنه.

– يراهن بن سلمان على تحويل الضغوط المتوقعة عليه لحساب التراجع عن بعض خطوات الانقلاب، لتصير ضغوطاً لمنع وقوع الحرب، ولذلك فهو يذهب لتصعيد النبرة الحربية وربما يباشر بالخطوات العملية التصعيدية محققاً مجموعة أهداف، أوّلها دفع وقائع الانقلاب ومتابعاته إلى خلف المشهد وإبعادها عن الأضواء، وامتصاص تداعيات ردود الأفعال عليها انطلاقاً من أنّ ما يجري وما سيجري أهمّ بكثير، وثانياً خلق عصب داخلي مشدود تحت عنوان المواجهة مع إيران يبرّر التعامل مع «إسرائيل» والتغاضي عن الخطوات الداخلية، ويستنهض العصبية السعودية بالعنفوان ولغة التحدّي، لكن هذا التصعيد سيستدرج ثالثاً إحراجاً للأميركيين والغربيين الملتزمين والملزمين، بالانخراط مع السعودية في أيّ مواجهة مع إيران، لإيصال المنطقة إلى حافة حرب كبرى، تضع خطاب الرئيس الأميركي عن مواجهة إيران أمام اللحظة الصعبة، فيصير القتال إلى جانب ​أميركا​ خياراً مقبولاً، والذهاب للتسوية برفقتها خياراً مقبولاً كذلك، وهكذا يصير الناتج رابعاً، استدراج مساعي التوسط والتهدئة تفادياً للتورّط في الحرب، وربما يؤدّي لفتح حوارات وعقد مفاوضات، تشكّل هي الإطار لصياغة تسوية شاملة مع إيران يمكن تسويقها سعودياً، وتكون أفضل الممكن لإنهاء حرب اليمن، والانخراط في التسويات حول سورية ولبنان وسواهما.

– المشكلة دائماً في الحرب، أنّها تقع في كثير من الحالات، بسبب حادث أراده أحد الفريقين تلويحاً بالذهاب للحرب، فنتجت عنه تحدّيات وتداعيات بداية الانزلاق للحرب والخروج عن السيطرة، فكيف إذا كان إدماج المصالح «الإسرائيلية» بالحركة السعودية سبباً كافياً لتوقع توريط «إسرائيلي» بشرارات حرب، تضعها على طاولة التفاوض بالتشارك مع السعودية ومعها ملفات المنطقة كلّها، من دون أن تدفع كلفة الحرب؟

– شراكة سعودية «إسرائيلية»، لحساب يكون العرش والمال السعوديين نصيب بن سلمان منها، ويكون خراب السعودية بدلاً من «إسرائيل» في بدايات حرب ونتائج تسويات، تراهن «إسرائيل» على قطف الأهمّ من ثمارها.

– هل تضمن «إسرائيل» أن يكون الردّ على ضربات سعودية طائشة محصوراً بالسعودية؟

– ربّما هذا القلق هو الذي يؤخر الشرارة الأولى.